Home > News
الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي: فرصة هامة للارتقاء بمستوى الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية
2010-05-06 19:24
 

-- بقلم سعادة السيد لي هواشين

 سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الجمهورية العربية السورية

 

ستعقد الدورة الرابعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في يومي 13 و14 مايو عام 2010 بمدينة تيانجين مدينة ساحلية جميلة في الصين، سيجتمع وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي مع وزراء الخارجية العرب الـ22 والأمين العام لجامعة الدول العربية تحت سقف واحد، باحثين عن سبل تعزيز الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية. سيتم خلال الاجتماع استعراض مسيرة علاقات الصداقة الصينية العربية منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني العربي، وتحديد الأولويات والإجراءات المفصلة لتعزيز التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، وإقامة علاقات التعاون الإستراتيجي على أساس التعاون الشامل والتنمية المشتركة بينهما بتوقيع سلسلة من الوثائق الهامة. سيساهم هذا الاجتماع في تطوير المنتدى والصداقة الصينية العربية، وإثراء المقومات للشراكة الإستراتيجية الصينية العربية الجديدة والارتقاء بالمستوى الكلي للعلاقات الصينية العربية. وبلا شك أن هذا الاجتماع سيحقق الهدف المرجو في تعزيز الصداقة والتضامن والتعاون.

خطة التعاون المتميزة بالنظرة الإستراتيجية البعيدة

نشأ منتدى التعاون الصيني العربي على أساس الصداقة التقليدية الصينية العربية، وعلى خلفية التجربة المتشابهة والأهداف المشتركة والمصالح المتداخلة التي  تربط بين الجانبين في القرن الجديد.

عرض الرئيس الصيني هو جينتاو تصوراته الشاملة لإنشاء منتدى التعاون الصيني العربي خلال زيارته لمصر في يوم 30 يناير عام 2004. كما طرح الرئيس هو أربعة أسس تهدف إلى طفرة في علاقات الشراكة الصينية العربية الجديدة المتمثلة في تقوية العلاقات السياسية على أساس الاحترام المتبادل، وتكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة، وتوسيع وتعميق التواصل الثقافي بما يحقق الاستفادة المتبادلة، وتعزيز التعاون في الشؤون الدولية بهدف تحقيق وصيانة السلام العالمي والدفع بجهود التنمية المشتركة. لقت كلمة الرئيس هو جينتاو تقديراً عالياً وصدى واسعا من ممثلي الدول العربية. ووقع الجانبان الصيني والعربي على بيان مشترك بشأن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي.

يوم 14 سبتمبر في العام نفسه، شهدت القاهرة افتتاح الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي على هامش الاجتماع الوزاري الـ122 لجامعة الدول العربية، حيث ألقى وزير الخارجية الصيني السابق لي تشاوشينغ والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى كلماتهما الحارة ووقعا على وثيقتين هامتين، وهما إعلان منتدى التعاون الصيني العربي والبرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي.

آليات التعاون القائمة على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والتنمية الشاملة

بفضل الجهود المشتركة من الجانبين في الـ6 سنوات الماضية، تم إنشاء أكثر من 10 آليات للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والخ، ودخل المنتدى إلى مسار النمو المتوازي في مختلف المجالات وعلى مستوين رسمي وشعبي، وأصبح إطارا فعالا لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية، وشهد تطورا شكلا ومضمونا، ويتعاظم أثره باستمرار، وحقق نتائج ملموسة في ترسيخ الصداقة الصينية العربية التقليدية وتعزيز التعاون بين الجانبين في كافة المجالات. كما أشاد مسؤول من جامعة الدول العربية بالمنتدى قائلا إنه "هو أكثر منتدى فعالية وأثرا بين الجامعة العربية والمنظمات الإقليمية والدول المؤثرة". عندما نستعرض مسيرة المنتدى على مدى 6 سنوات، فنجد أن المنتدى يمتلك مكونات النجاح ومن أهمها:

- الاحترام المتبادل هو الأساس. في إطار علاقات التعاون المتكافئ القائمة على المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، ظل كل من الجانبين يقدم التفهم والدعم للهموم المحورية لدى الجانب الآخر. وتدعم الصين بقوة عملية السلام في الشرق الأوسط ومبادرة السلام العربية وقضية الشعب الفلسطيني العادلة من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة وقضية الشعب السوري والشعب اللبناني العادلة لاسترجاع أراضيهما المحتلة وتدعو إلى دفع عملية السلام على كافة المسارات الفلسطينية والسورية واللبنانية، وبذلت جهودا بناءة في سبيل تحقيق السلام والشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط في يوم مبكر. وتحترم الصين بل تدعم جهود الدول العربية في اختيار طرق تنموية تتفق مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة وترفض ربط الإرهاب بشعب أو دين بعينه. ودعمت وتدعم الدول العربية وشعوبها بقوة قضايا الصين العادلة من أجل صيانة سيادتها ووحدة أراضيها. وأصدرت القمم العربية واجتماعات وزراء الخارجية العرب في السنوات الأخيرة قرارات خاصة لـ"تعزيز العلاقات مع الصين" أكدت مرات على التزامها بسياسة الصين الواحدة. إن التشاور السياسي والتنسيق الذي قام به الجانبان حول العلاقات الصينية العربية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك في إطار آليات الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين قد ساهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين الجانبين وإرساء أسس سياسية متينة للتعاون المتبادل المنفعة في كافة المجالات.

- المنفعة المتبادلة والكسب المشترك هو الهدف. من أجل تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية باعتباره من أولويات المنتدى، أنشأ الجانبان سلسلة من الآليات الهامة مثل مؤتمر رجال الأعمال والندوة الاستثمارية ومؤتمر تعاون الطاقة. وأقيمت في إطارها فعاليات مكثفة ومثمرة. وقفز حجم التبادل التجاري بين الجانبين من 36.7 مليار دولار عام 2004 إلى 132.8 مليار دولار عام 2008 أي بزيادة 3.6 مرات خلال 5 سنوات أو بمعدل نمو سنوي يصل 38%. مما يبعث على ارتياحنا أن تعاون الجانبين حقق تقدما مستمرا أيضا في مجالات الطاقة والمالية والاستثمار والبنية الأساسية. لقد تجاوزت محاور مؤتمر تعاون الطاقة تعاون النفط والغاز التقليدي لتغطي الطاقة الجديدة والنظيفة وتدعيم التنمية الاقتصادية المستدامة. في ظل الأزمة المالية الدولية، تتعاون الصين والدول العربية من أجل مواجهة التحديات، وبحث الجانبان إجراءات مواجهة الأزمة المالية في الدورة الثالثة لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمارات في مدينة هانغتشو الصينية في إبريل عام 2009، وجرت مفاوضات بشأن مشاريع بقيمة 1.5 مليار يوان صيني وتم التوقيع على عقود بقيمة 500 مليون يوان صيني. فساهمت الجهود الصينية العربية المشتركة بقوة في الحد من تراجع التجارة والاستثمار وجعل المصالح بين الجانبين أكثر تداخلا وترابطا في ظل الأزمة المالية العالمية.

- الانسجام الثقافي هو الغاية. يحرص المنتدى على دعم التواصل والتبادل بين الصين والدول العربية في مجالات الثقافة والتعليم والبحوث العلمية والإعلام وحماية البيئة وتطوير الموارد البشرية والتبادل الشعبي وساهم في إطلاق القناة العربية لمحطة التلفزيون المركزية الصينية ومشروع الترجمة المتبادلة للمؤلفات الصينية والعربية. يشارك كل عام أكثر من 1000 مسؤول أو فني عربي في الدورات التدريبية أو مشاريع التواصل المقامة في الصين في إطار تعزيز التفاهم والتواصل الشعبي واستمرار الصداقة الصينية العربية التقليدية جيلا بعد جيل. يعد الحوار الحضاري آلية تميز نفسها عن الآليات الأخرى وتلفت اهتمام الكثير لما لها من الأهمية في تشجيع الخبراء والمفكرين لدى الجانبين على تبادل نتائج بحوثهم وتعزيز التفاهم والاستفادة المتبادلة والازدهار المشترك للحضارة الصينية والحضارة العربية الإسلامية بما يدفع الحوار والتعاون بين مختلف الحضارات ويخدم بناء عالم متناغم يسوده السلام الدائم والرخاء المشترك.

ضرورة الارتقاء بمستوى التعاون وفتح أفق أرحب لعلاقات الصداقة بين الصين والدول العربية

خلال السنوات الست الأخيرة، تبلورت لدينا أفكار واضحة بشأن تطوير المنتدى تتمثل في تطوير المنتدى بصورة تدريجية وفعالة وتحقيق المصلحة المتبادلة والكسب المشترك. فأصبح المنتدى بما لديه من الآليات منبرا هاما ومتزايد النضوج والتأثير للتعاون المتبادل المنفعة بين الصين والدول العربية مما يلفت الاهتمام المتزايد من المجتمع الدولي. في الوقت الحالي، ينتقل المنتدى من مرحلة التخطيط والاستكشاف إلى مرحلة التطوير والاستكمال، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الرؤى والأفكار الخلاقة من الجانبين. وهنا تأتي أهمية الاجتماع الوزاري الرابع من كونه محطة هامة في مسيرة المنتدى وبسبب توقيت انعقاده في مرحلة حاسمة تبشر بمزيد من القفزات للعلاقات الصينية العربية التي يطمح إليها الشعبان الصيني والعربي.

في الوقت الحالي، يشهد العالم تطورات وتعديلات كبيرة تؤدي إلى تغيرات جديدة على النظام السياسي والاقتصادي الدولي وميزان القوى، وتجعل مصالح دول العالم أكثر تشابكا وترابطا وتزيد المنافسة بين الدول والقوى المختلفة احتداما وتضيف عوامل عدم الاستقرار والغموض في الأوضاع الدولية. إن الصين والدول العربية كلتاهما تنتمي إلى العالم النامي وتواجه فرصا وتحديات متشابهة. لذلك، فإن ترقية العلاقات الصينية العربية إلى مستوى استراتيجي تتفق مع المصلحة المشتركة للشعبين وتدفع بقوة علاقات الصداقة والتعاون الصينية العربية في المرحلة الجديدة وترفع التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين الصين والدول العربية إلى درجات أعلى بما يعزز التضامن والتعاون بين الدول النامية ويصون السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

سورية تقدم مساهمة مهمة لمنتدى التعاون الصيني العربي

إن سورية كدولة ذات تأثير هام في العالم العربي تولي اهتماما كبيرا لبناء المنتدى وتشارك بكل نشاط في التبادل والتعاون على كافة المستويات وعلى المجالات المختلفة في إطار المنتدى، حيث تلعب دورا هاما في دفع علاقات الشراكة الصينية العربية الجديدة. ففي مجال السياسة، حضر معالى السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري الدورة الثالثة للاجتماع الوزاري للمنتدى، ناقش مع نظرائه حول آفاق تطور المنتدى. وستحضر سوريا الدورة الرابعة المقتربة من الاجتماع الوزاري. أما في مجال التجارة والطاقة، فشارك معالي المهندس حسين محمود فرزات وزير الدولة السوري في الدورة الثالثة من مؤتمر رجال الأعمال المنعقدة في الصين، وحضر معالي المهندس سفيان علاو وزير النفط والثروة المعدنية السوري الدورة الثانية من مؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة المنعقدة في السودان، كما شارك الجانب السوري في الندوات الاقتصادية والتجارية المختلفة، مما ساهم في تحقيق تعاون المنافع المتبادلة والتنمية المشتركة للجانبين الصيني والعربي. وفي مجال الثقافة والتعليم، سيسافر معالي الدكتور رياض نعسان اغا وزير الثقافة السوري إلى الصين لحضور اجتماع المائدة المستديرة لوزراء ثقافة الصين والدول العربية قريبا ، كما ستقدم فرقة أورنينا للرقص المسرحي عروضا فنية متميزة إلى الشعب الصيني أثناء الدورة الثانية من مهرجان الفنون العربية المنعقدة في الصين في حزيران القادم. بالإضافة إلى ذلك، لقد اشترك عديد من الخبراء والباحثين السوريين في ندوة التعليم العالي والبحث العلمي وندوة الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، الأمر الذي يدفع بقوة التبادل والإفادة بين الحضارتين الصينية والعربية. والجدير بالذكر الخاص أنه بفضل اهتمام القيادة السورية وحسن تنظيمها، عقدت الدورة الثانية من مؤتمر الصداقة الصيني العربي بكل نجاح  في دمشق أواخر 2008، حيث ساهم في تعميق التبادل بين المنظمات الأهلية الصينية والعربية.

وبخلاصة القول إن سورية تلعب دورا فعاليا وتساهم مساهمة هامة في بناء منتدى التعاون الصيني العربي. ويعبر الجانب الصيني عن تقديره العالي لذلك.

 

لدينا كل الأسباب التي تدعونا للاعتقاد بأن الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون الصيني العربي سيتكلل بالنجاح الكامل تحت الجهود المشتركة من الجانبين وأن علاقات الصداقة والتعاون الصينية العربية ستحقق تطورا أكبر في كافة المجالات وأن الحضارتين الصينية والعربية الإسلامية العريقتين ستزدادان حيوية ورونقا من خلال التعاون في إطار المنتدى.
Suggest To A Friend
  Print